المذهب الحنبلي
المذهب الحنبلي يعتبر المذهب الحنبلي آخر المذاهب الأربعة، وفيما يأتي عرض لأهم المعلومات الخاصة به: مؤسس المذهب هو الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، وُلد في بغداد سنة مئةٍ وأربعٍ وستين للهجرة، وتتلمذ على يد الإمام الشافعي ثمّ أصبح له مذهبه الخاص به،
وقد برع في السنة النبوية وجمع الأحاديث
الأصول العامة للمذهب اعتمد الإمام أحمد على أصول عامة في الفقه والعلم، وبيانها فيما يأتي:[١١] نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية. فتوى الصحابي التي لا نزاع فيها إن انعدمت النصوص. اختيار قول الصحابي الأقرب للكتاب والسنة إن تعدّدت أقوال الصحابة، وإن لم يظهر القول الأقرب للصحة ذُكر الخلاف بين الأقوال دون ترجيح قولٍ على آخرٍ. الأخذ بالحديث المرسل أو الضعيف وتقديمه على القياس في حالة عدم وجود أثرٍ
أو إجماعٍ أو قول صحابي يخالفه. القياس، ويُؤخذ به في حال عدم توفر الأصول سابقة الذكر. سد الذرائع؛ أي منع الوسائل المُفضية إلى ارتكاب إحدى المفاسد. أشهر علماء المذهب عرف من بين أشهر علماء المذهب الحنبلي:[١٢] إبراهيم بن إسحاق الحربي. إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسابوري
. أحمد بن حميد المشكاني. أحمد بن محمد بن الحجاج المروذي. أحمد بن محمد بن هانئ الأثرم الطائي. أماكن انتشار المذهب ينتشر المذهب الحنبلي في عدّة بلدان، منها:
الجزيرة العربية ومصر والعراق وحران والشام.[
تاريخ ظهور المذاهب ظهرت المذاهب الإسلامية الفقهية في عصورٍ متأخرةٍ، فلم تكن على عهد الصحابة أو التابعين، ونقل السخاوي عن علي بن المديني أنّ عدداً من التابعين انتهجوا نهج التقليد عن عددٍ من الصحابة المعروفين بالعلم، مثل: زيد بن ثابت، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، كما نقل بعض التابعين العلم عن السيدة عائشة؛ كعروة بن الزبير، وأمّا الظهور الفعلي للمذاهب الفقهية فكان بانتشار علماء التابعين
في البلاد بعد اتساع رقعة الدولة الإسلامية.
شاء الله -تعالى- أن ييسّر للأمة ثلّةً من العلماء الربانيين الذين بلغوا الغاية المقصودة في العلم والدراية والاجتهاد، ليرجع الناس إليهم في معرفة الأحكام في المسائل المختلفة،
ومعرفة الحلال والحرام، كما سخّر الله -تعالى- لتلك المذاهب رجالاً برعوا في ضبط تلك المذاهب بحيث ألحقوا بكلّ مذهبٍ أصوله وقواعده، وحتى تُعرف أحكام كلّ مذهبٍ على حدة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ المذاهب الفقهية اتفقت فيما بينها على أصول الدين والشريعة، وكان بينها الاختلاف في فروع الشريعة، فلم يُعرف عن إمامٍ من أئمة المذاهب مخالفته لحديثٍ نبويٍ ثبتت صحته وتيقّنت دلالته، أمّا سبب استقرار الأمة على المذاهب الأربعة يرجع إلى تلقّيها بالقبول، إضافةً إلى وجود الأتباع الذين حملوا على عاتقهم مهمة نشر وتبليغ علم أصحاب المذاهب الأربعة بخلاف ما حصل مع غيرهم من العلماء والأئمة.[
سباب الاختلاف بين المذاهب من الأسباب التي أدّت إلى الاختلاف بين المذاهب:[١٦] أسباب متعلقةٌ باللغة، ففي اللغة العربية ألفاظٌ تشترك في معانٍ عدّةٍ، ومن الأمثلة على تلك الألفاظ لفظ (قرء) الوارد في قوله -تعالى-: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ)،[١٧] فالقرء في الآية يشير إلى معنيين؛ الطهر والحيض، وبسبب ذلك اختلف العلماء في مدة عدّة المطلقة. أسباب متعلقةٌ برواية السنن
، فقد تختلف أقوال الفقهاء وآراء المذاهب بسبب اختلافهم في رواية السنن، فقد لا يصل الحديث إلى المجتهد فيفتي في المسألة اعتماداً على آيةٍ أو حديثٍ آخرٍ،
وقد يلجأ للقياس، وقد يصل الحديث إلى المجتهد ويرفضه بسبب وجود علةٍ فيه من انقطاعٍ أو سوء حفظ الراوي، كما قد ينشأ الاختلاف بين العلماء بسبب اختلافهم في فهم مدلول الحديث. أسباب متعلقةٌ بالضوابط المعتمدة في الاستنباط، والقواعد الأصولية الموضوعة للاجتهاد، فقد اختلف الفقهاء في القواعد الأصولية التي تُوضع لاستنباط الأحكام الشرعية الفرعية من الأدلة التفصيلية بسبب اختلافهم في حُجيّة تلك القواعد.
أدب الاختلاف بين أصحاب المذاهب ذكرت كتب التاريخ قصصاً تدلّ على أدب الاختلاف بين أصحاب المذاهب، ومنها رفض الإمام مالك نسخ كتابه وتوزيعه على الأمصار حينما أراد الخليفة المنصور ذلك،
والغاية من موقف الإمام مالك الحفاظ على سنة الاختلاف بين الناس، ولئلا يحمل الخليفة الناس على قولٍ واحدٍ، وامتدح أئمة المذاهب بعضهم بعضاً، حتى رُوي عن الشافعي اعتباره للإمام مالك معلماً له، وكان يقول : “إذا جاءك الحديث عن مالك فشدّ به يدك، فقد كان مالك إذا شكّ في الحديث طرحه”
، وحينما سُئل الإمام أحمد عن الشافعي قال: “كان الشافعي -رحمه الله- كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس”.[١٨] أهمية الاختلاف وقيمته تكمُن أهمية الاختلاف بين أصحاب المذاهب الفقهية في رفد الشريعة الإسلامية بمزيدٍ من الأحكام والتشريعات العملية التي تشكّل ثروةً تشريعيةً ترفع الضيق والحرج عن الأمة بتوفير الحلول لها، وتبتكر لها الطرائق والسبل مهما تبدّلت الظروف وتغيّرت الأحوال، وقيمة هذا الاختلاف تتجلّى في كونه ضرورةً للأئمة، ولا يدل الخلاف على تناقض المصادر التشريعية، وإنمّا يدلّ على مرونتها وسِعَتها وقابليتها للتطبيق.
] الحكمة من اختلاف المذاهب من الحِكم الإلهية لسنة الاختلاف بين المذاهب:[
إظهار التعبّد لله في المسائل التي يجوز فيها الاجتهاد من قبل أصحاب العلم الشرعي. امتحانٌ للعلماء والفقهاء الذين يجتهدون في المسائل المختلفة في قبولهم وانقيادهم للحق حينما يثبت لهم بالأدلة الواضحة إن كان مخالفاً لرأيهم أو رأي مشايخهم. كشف تأويلات المبطلين من الدّخلاء على العلم من غير أهله، وبيان زيغ آرائهم القائمة على الهوى والضلال. ملخص المقال: عرض المقال تعريف بالمذاهب الأربعة، وتاريخ ظهورها، وعرض المقال إلى أسباب اختلاف الفقهاء، وما هي الحكمة من اختلاف المذاهب، وما هو أدب التعامل مع هذا الاختلاف. المراجع
إقرأ