سيناريو الغزو السوفيتى لأفغانستان يواجه موسكو فى كييف
من الواضح تماما أن ردود الفعل الغربية على العملية العسكرية التى تنفذها القوات الروسية فى الأراضى الأوكرانية، لاتزيد عن مجرد إدانات وتنديدات كلامية وإعلان عن عقوبات هزيلة ضد موسكو، والتى تحتاج بعض الوقت حتى تؤتى ثمارها، وقد لاتؤتى بسبب قوة الاقتصاد الروسى التى لايتنبه إليها كثيرون.
وحتى العقوبة الرئيسية التى راهنت عليها الولايات المتحدة، وهددت بتوقيعها على روسيا، وهى استبعادها من شبكة التحويلات الدولية “سويفت” التى يقع مقرها فى بلجيكا، باعتبار انها سوف تلحق ضررا جسيما بالاقتصاد الروسى لم توقع رسميا حتى الآن بسبب رفض دول عديدة ذلك لانه سوف يلحق الضرر باقتصادياتها، ولن يقتصر على روسيا .
لماذا اكتفى الغرب بالتنديد والعقوبات ردا على الغزو الروسى لأوكرانيا؟
استنزاف موسكو فى المواجهات بين الجيش الروسى والمقاومة الأوكرانية
ولو فرضنا أن الولايات المتحدة سوف تمارس الضغوط من أجل استبعاد روسيا، هناك شبكات تحويل إقليمية بديلة يمكن أن تعمل البنوك الروسية من خلالها. نستطيع القول أن لغة المصالح تتحدث بقوة فى مثل هذه الأحوال، ولانتوقع من دول الغرب أن تضحى بأبنائها ومصالحها من أجل الشعب الأوكرانى.
وحتى إسرائيل التى كانت تتباهى بأن الرئيس الاوكرانى فلوديمير زيلينسكى يهودى فقد عددا من افراد اسرته فى محارق النازى الوهمية لم تفعل شيئا لإنقاذ أوكرانيا سوى بيان تافه حرصا على علاقاتها مع روسيا.
وهناك تفسير أخر نراه الأرجح وهو أن دول الغرب سعيدة بهذا العدوان لأنه سوف يفتح بابا لاستنزاف روسيا كما حدث مع الاتحاد السوفيتى السابق قبل أكثر من 42 سنة عندما غزا أفغانستان. غزاها بسرعة وتمكن من السيطرة عليها فى أيام قليلة. لكن المقاومة الأفغانية التقطت انفاسها واعادت تنظيم نفسها – وربما كانت هناك مساعدات خارجية محدودة – وكبدت السوفيت خسائر جسيمة وانهكت الاقتصاد السوفيتى كما حدث مع أسد بانشير أحمد شاه مسعود. وادى ذلك مع مشاكل أخرى إلى انفراط عقد الاتحاد السوفيتى عام 1991.
ويأمل الغرب أن تتكرر القصة مع روسيا. فبدلا من الدخول فى مواجهات مباشرة مع روسيا، تعيد المقاومة الأوكرانية تنظيم نفسها لتلحق بها خسائر جسيمة تكون بداية لتقسيم روسيا أو الاتحاد الروسى وهو اسمها الرسمى، فنجد جمهورياتها مثل الشيشان والانجوش وداغستان وكالميكيا وغيرها، وقد تحولت إلى دول مستقلة وانكمشت روسيا إلى مساحتها الأصلية وهى 2 مليون كيلومتر مربع فقط (مساحتها الحالية 17 مليونا وكانت مساحة الاتحاد السوفيتى السابق 22 مليونا) وتوقفت عن تهديد الغرب. عموما تظل كل الاحتمالات مفتوحة لأن هذا الغزو يعلمنا أن العقل والمنطق يغيبان فى أحوال كثيرة .