أبو الحسن الندوي
نشأة أبي الحسن الندوي وحياته وهو السيد أبي الحسن علي بن عبد الحي بن فخر الدين الحسني الندوي، داعية إسلامي ومفكر وأديب كبير، ينتهي نسبه من والده ووالدته إلى الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ولد الشيخ أبو الحسن بتاريخ 6/ محرم/ عام 1333هـ،
الموافق لعام 1914م، في قرية تُدعى (تكية كلان) بمديرية (راي بريلي).[١] هذه القرية تابعة لإحدى الولايات الشمالية الهندية، وقد ولد هذا الشيخ الجليل في أسرة عربية ذات ورع ودين، وتتمسك بالعادات والتقاليد الإسلامية، وكانت شهرتها (الأسرة الحسنية) حيث تولى والده وهو من كبار العلماء المسلمين في الهند تربيته، والإشراف على تعليمه من الصغر.[٢] لقب بالندوي نسبة إلى دار العلوم التابعة لندوة العلماء التي مقرها الهند، وهذا اللقب اكتسبه بسبب انتسابه لهذه الندوة، وهو بمثابة انتساب الشخص لمكان ما كالقول بالمتخرج من الأزهر الشريف عندما يلقب بالأزهري.[٣] تعلّم الشيخ أبو الحسن في وقت مبكر،فبدأ بتعلم حروف الهجاء ثم قراءة الكتب باللغة الأردية،
ثم تمكن من ختم القرآن الكريم، حيث كان يدرس في مدرسة الكتاب التابعة لمسجد القرية، ثم تعلم اللغة الفارسية، كان والده قد عين له مدرسًا خاصًا به هو الشيخ الجليل محمود علي.[٤] توفي الشيخ الجليل عام 1420هـ الموافق لعام 1999م، في أواخر شهر رمضان المبارك، حيث توضأ الشيخ وبدأ بتلاوة سورة الكهف، ثم وافته المنية فانتقل إلى جوار ربه في هذا اليوم.[٥] حياة الندوي العلمية قرر أخو الشيخ أبي الحسن أن يعلّم أخاه اللغة العربية بشكل جيد، فعهد به إلى الشيخ الجليل خليل بن محمد بن حسين الأنصاري اليماني؛
حيث تعلم على يده مبادئ الصرف والنحو حتى تمكن من إتقان اللغة العربية إتقانًا كاملًا، وكان عمره حينها 12 عامًا.[٦] التحق أبو الحسن عام 1927م للدراسة في جامعة لنكاوي في قسم الأدب العربي، إذ أصبح أصغر الطلاب عمرًا في تلك الجامعة، وبعد أن أتمها التحق بدار العلوم لندوة العلماء، حيث درس فيها علوم الحديث على يد الشيخ العلامة حيدر حسن خان.[٦] عُيّن الشيخ أبو الحسن مدرسًا في دارة العلوم لندوة العلماء عام 1934م لما كان يتمتع به من كفاءة علمية، فضلًا عن الملكة الأدبية التي يمتلكها، وكان حينها قد بلغ من العمر عشرين عامًا،
واستمر في العمل بها لمدة عشر سنوات، حيث كان يدرس التفسير والحديث وعلوم اللغة العربية وآدابها، وترك العمل عام 1944م.[٧] منهج الندوي الفكري كان الشيخ الندوي داعية ومفكرًا إسلاميًا؛
إذ عمد إلى وضع منهج قويم من أجل خدمة ما كان يقوم به من دعوة وإصلاح؛ لذلك قرر الشيخ الجليل أن يضع أسلوبين مميزين [٨] يتمّ الأسلوب الأول من خلال التركيز على إلقاء الخطب والمحاضرات العامة والخاصة في مختلف الأوساط.[٨] كما كان يختار التحدث والجلوس مباشرة مع الناس من أجل التودد إليهم ومعايشة أسلوب حياتهم في السراء والضراء، أمّا الأسلوب الثاني فاختار الشيخ أبو الحسن أسلوب آخر تضمّن الكتابة والتأليف وتحرير الكتب والرسائل، والتي تقوم جميعها على فكرة الدعوة إلى إسلام بمفهوم جديد ومغاير.
لذلك يعدّ منهجه مدرسة متميزة وقائمة بذاتها، بعيدة عن التحزب والتعصب الديني.[٩] الندوي عميدًا للأدب الإسلامي قضى أبو الحسن ما يقارب نصف قرن في ميادين الدعوة والفكر والأدب الإسلامي، لا سيما ميدان الأدب الإسلامي؛ إذ ركز الشيخ على أمرين في هذا المجال، الأول جانب عملي،[١٠] تمثّل بالجهود التي بذلها الشيخ في سبيل إظهار قضية الأدب الإسلامي ونشرها بين الناس والسعي إلى الارتقاء بها إلى مصاف العالمية.[١٠] تضمنت هذه الجهود المؤتمرات الدولية التي كان يعقدها والمقابلات مع الصحف والتي كانت محورها الأدب الإسلامي،
وساعد أعضاءها من الأدباء والكتاب والمهتمين بالأدب الإسلامي نشر أعمالهم ونتاجاتهم الأدبية؛ حيث كانوا يواجهون التحديات.[١٠] رحلات الندوي في طلب العلم قام الشيخ الندوي بالعديد من الرحلات التي تهدف إلى الدعوة والإصلاح، ولعل من أهمها ما يأتي: رحلة عام 1939م وهي رحلة استطلاعية لبعض المدن البعيدة، كان يهدف فيها إلى التعرف على بعض أماكن